تعتبرالجامعة منهل للتزود بالعلم والمعرفة بالاضافة الى دورها الفاعل في الارتقاء بالتعليم الجامعي الى مراتب التعليم العالي في جميع دول العالم مواكبة للتطور في جميع الاصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ان مقياس العالم اليوم لتقدم الشعوب من خلال التطورفي مؤسساتها التعليمية وارتقائها كونها حاضنة للتكنلوجيا وتوضب طاقاتها العلمية والتقنية في خدمة المجتمع عن طريق الربط بين خططها المستقبلية وخطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية مراعية جميع التوجهات والمتغيرات التي تستجد على الصعيد المحلي والعالمي، من هنا برز مفهوم التعليم من أجل التنمية المستدامة (ESD) وهوبمثابة مراجعة وصياغة وتوضيب التعليم لفتح أفاق جديدة من المعرفة والتعلم غايتها المساهمة في استدامة السلامة للفرد وللعالم على حد سواء. حيث يعتبر التعليم الجيد الهدف التنموي الرابع من اهداف التنمية المستدامة والذي تنعكس مخرجاته (انتاج واكتساب المعرفة ثم نشرها) على تحقيق جميع اهداف التنمية المستدامة ال 17 لانه اساس لاستدامة المجتمعات. تلعب مؤسسات التعليم العالي متمثلة بالجامعات دور مؤثر وواضح في تطوير الاستثمار والتنمية المستدامة من خلال العمليات البحثية لمعالجة الازمات الاقتصادية والكوارث البيئية ووضع حلول سريعة ومتطورة كما هو الحال في ازمة جائحة كورونا والتعليم عن بعد او المدمج لتقليل من خطورة الازمات.
ما تزال تحقيق أهداف التعليم بحاجة إلى تسريع وتطوير، لكونها من ركائز أهداف التنمية المستدامة خصوصا وان العالم شهد مرحلة الثورة الصناعية الرابعة حيث استخدمت التقنيات العالية والتكنولوجيا ووسائل التواصل الإجتماعي والذكاء الاصطناعي وهو نتاج البحث العِلميّ والتطور التكنولوجيّ والذي يتيح لنا ايجاد حلولاًسريعة وجديدة للمُشكلات الرّاهنة أو المستقبلية والتي تدَّفع بعجلة التقدم إلى الأمام ، لذلك أصبح ّالبحث العلمي ضرورة حتمية لا يقتصر على برامج العلوم الطبيعيّة فحسب وإنما يشمل برامج العلوم الإنسانية والاجتماعية لان المشكلات الاجتماعية والإنسانية لها خصوصيتها حيث ان إيجاد حلول لهذه المشكلات يتطلب ادراك أسبابها النابعة من المُجتمع وقضاياه والذي يستجيب لمتطلّباته ويُعالِج مشكلاته لذلك نحتاج إلى تفعيل مثل هذه البرامج في مؤسسات التعليم العالي.
لعل البعض منا يتسائل ما هو الدورالذي تقوم به مؤسسات التعليم العالي في مجال البحث العلمي الذي يعد أحد أهم مخرجات الجامعات الأساسية فبدونه تصبح الجامعة مجرد مدرسة لتلقين علوم ومعارف ينتجه الآخرون وليس مكان للإبداع العلمي وصقل المعرفة وإثرائها ونشرها بغية استخدامها لحل المشكلات في مختلف نواحي الحياة اليومية للمجتمع، وعليه فان البحوث الجامعية التي تنجزها الجامعات تعتبر أحد أهم مؤشرات الجودة والتميز في مقاييس تصنيفات الجامعات محلياً وإقليمياً وعالميا، والتيً باتت تشكل مصدراً مالياً مهماً لتمويل صندوق التعليم العالي من خلال المنح والهبات التي تحصل عليها من المؤسسات المختلفة جنبا الى جنب مع الواردات المالية المستحصلة من قبول الطلبة في الدراسات العليا. كل ذلك استوجب ضرورة تحويل البحث العِلميّ والتطوير التكنولوجيّ إلى أدوات فعّالة في بناء الأمن والسلام والعدالة فالابداع مطلوبٌ من اجل تحويل مَسار تقدم التكنولوجيا لايجاد حلول المشكلات والفجوات والاختلافات المُتزايدة بين شعوب وبلدان العالم اجمع ، كذلك اعتماده وسيلة لتمرير فوائد التنمية واحترام حقوق الإنسان وتجاوُز المعوّقات الجغرافيّة والثقافيّة والاجتماعيّة.
من ناحية اخرى لابد وأن ندرك تمامًا أن المؤسسة التعليمية يقع عليها مسؤولية كبيرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تطمح جميع الدول لتحقيقها في مختلف القطاعات، حيث إن تطوير أي قطاع اقتصادي او اجتماعي او خدمي له علاقة وثيقة بالافراد وقدراتهم على مواكبة كل حدث وتطور مع اضافة اختراعات جديدة، فلم يعد تركيز دول العالم المتقدمة على «التعليم» وانما على «التعلم» مع استخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة والمتطورة وتوظيفها في سبيل الارتقاء بالأدوات التعليمية المختلفة.
ختاما.......
ان مؤسسات التعليم العالي تعمل جنب الى جنب مع الهيئات الحكومية ذات العلاقة على تنمية (المعرفة والمهارات والاساليب والقيم اللازمة من اجل بناء مستقبل مستدام) وهذا الهدف لن يتحقق الا من خلال اعداد كادر تعليمي مدرب بشكل جيد وتهيئة برامج تعليمية فعالة وتجهيز مناهج تحاكي التطور مع توفير اجندة تنمية مستدامة يتبناها صناع سياسات التعليم العالي.
مديرة المركز
أ.م.د.هدى سامي الحسن