في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي تواجهها مصر، مثل التلوث البلاستيكي واستنزاف الموارد الطبيعية، برزت في السنوات الأخيرة مبادرات جادة لتعزيز الاستدامة البيئية ومن أبرز هذه الجهود التحوُّل التدريجي من استخدام الأكياس البلاستيكية إلى الأكياس الورقية، كخطوةٍ للحد من الآثار السلبية للبلاستيك على البيئة والصحة العامة ...
تستهلك مصر سنويًّا مليارات الأكياس البلاستيكية، التي تُعدُّ واحدةً من أكبر الملوِّثات بسبب صعوبة تحللها التي قد تستغرق مئات السنين تنتشر هذه الأكياس في البراري والأنهار والبحر المتوسط، مما يهدد الحياة البحرية والتنوع البيولوجي كما تُساهم في انسداد شبكات الصرف الصحي، وتزيد من مخاطر الأمراض عند احتراقها بسبب انبعاث مواد سامة وفقًا لتقارير محلية، تحتل مصر مرتبة متقدمة بين دول البحر المتوسط في تلوث الشواطئ بالبلاستيك ...
بدأت مصر في تبني سياسات صارمة للحد من البلاستيك أحادي الاستخدام، حيث أقرّت الحكومة في عام 2022 قانونًا يُحظر تداول الأكياس البلاستيكية في المناطق السياحية مثل الغردقة وشرم الشيخ، كجزء من استراتيجية "التحوُّل الأخضر" وفي هذا الإطار، أصبحت الأكياس الورقية بديلًا واعدًا لأنها وايضا توسيع نطاق المسؤولية حيث أصبحت الشركات مُلزمةً قانوناً بتحمُّل تكاليف جمع النفايات البلاستيكية وإعادة تدويرها أو التخلُّص الآمن منها، بدلاً من تحميلها للمجتمع أو البيئة وفرض رسوم على المنتجين تُدفع للجهات الحكومية المختصة (مثل جهاز تنظيم إدارة المخلفات) لتغطية تكاليف إدارة النفايات علاوة على تعزيز الاستدامة من خلال تشجيع الشركات على تبني تصميمات صديقة للبيئة تُسهّل إعادة التدوير، وتقليل الاعتماد على البلاستيك أحادي الاستخدام ...
الفرص المستقبلية :-
1. تعزيز التعاون العالمي: السعي نحو معاهدة دولية طموحة تُلزم الدول بتخفيض إنتاج البلاستيك، والتخلّص التدريجي من المواد أحادية الاستخدام.
2. تبنّي اقتصاد دائري: تحفيز نماذج الأعمال القائمة على إعادة الاستخدام عبر حوافز ضريبية ودعم تكنولوجي.
3. ضمان انتقال عادل: توفير آليات تمويل عادلة لدعم الشركات الصغيرة والعمال أثناء التحوُّل نحو بدائل مستدامة.
فوائد تحويل الاكياس البلاستيكية الى ورقية :-
- قابلة للتحلل خلال أشهر قليلة مقارنةً بالبلاستيك.
- صديقة للبيئة ، إذ تُصنع من موارد متجددة مثل الأشجار أو المخلفات الزراعية.
- قابلة لإعادة التدوير عدة مرات، مما يدعم الاقتصاد الدائري.
لكن رغم المزايا البيئية، تواجه مصر عقبات في تعميم الأكياس الورقية، منها :-
1. التكلفة العالية : إنتاج الأكياس الورقية أغلى بنسبة 30-50% مقارنةً بالبلاستيك، مما يثقل كاهل الشركات الصغيرة.
2. ضعف الوعي المجتمعي : لا يزال جزء من المجتمع يفضل البلاستيك لرخصه ومتانته.
3. نقص البنية التحتية : تحتاج مصر إلى تطوير مصانع متخصصة في إنتاج الورق المُعاد تدويره، وزيادة الغطاء الأشجار المستخدمة كمواد خام دون الإضرار بالبيئة.
ومن ناحية اخرى بدأت مشروعات القطاع الخاص و شركات كبرى، مثل "كارفور" و"سيفوي"، في استخدام الأكياس الورقية بدلًا من البلاستيك، كما أطلقت علامات تجارية محلية مثل "جرين باج" مشروعات لصنع أكياس ورقية من مواد معاد تدويرها وايضا الجمعيات الأهلية حيث تعمل منظمات مثل "بيكيا" و"إيكو إيجيبت" على توعية المواطنين بأضرار البلاستيك وتوزيع أكياس قماشية وورقية مجانً علاوة على الحوافز الحكومية حيث تشجيع الدولة للمصنعين عبر تخفيض الضرائب على مستلزمات إنتاج الأكياس الورقية، ودعم البحث العلمي لابتكار مواد صديقة للبيئة ...
رؤية مستقبلية لنجاح المشروع :-
لضمان نجاح هذه الخطوة، يجب تعزيز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، عبر:
- تشريعات أكثر صرامة لتوسيع نطاق حظر البلاستيك.
- حملات توعية مكثفة في المدارس والجامعات.
- استثمارات في التكنولوجيا الخضراء لخفض تكاليف الإنتاج.
ختاما :-
يُعدُّ التحوُّل إلى الأكياس الورقية في مصر خطوةً حيوية لمواجهة التلوث، لكنها تتطلب جهودًا متكاملة لتحقيق التوازن بين الاعتبارات البيئية والاقتصادية. بإرادة سياسية ووعي مجتمعي، يمكن لمصر أن تكون نموذجًا إقليميًّا في الاقتصاد الأخضر، حاميةً لترابها ونيلها من مخاطر البلاستيك ويأتي هذا القرار في توقيت بالغ الأهمية، مع استعداد العالم للمفاوضات النهائية حول المعاهدة الدولية الملزمة للحد من التلوث البلاستيكي (INC5.2) ...
مصر تُظهر أن الحلول الفعّالة ممكنة عبر سياسات تقلل النفايات وتضمن مساءلة المنتجين، وهو نموذج يُحتذى به إقليمياً وعالمياً"و يعدُّ هذا القرار جزءاً من استراتيجية مصرية أوسع لتعزيز مكانتها كقائدة إقليمية في الاقتصاد الأخضر، خاصة مع استضافتها لمؤتمرات دولية مثل COP27.
كما يُرسّخ القرار مبدأ "المُلوِّث يدفع"، الذي قد يُطبَّق لاحقاً على منتجات بلاستيكية أخرى، مما يفتح الباب لتحوُّل جذري في سياسات إدارة النفايات مع تطبيق القرار 662، تُقدّم مصر نموذجاً عملياً لمواءمة التشريعات المحلية مع الأهداف العالمية للاستدامة، مُثبتةً أن الإرادة السياسية والتعاون بين القطاعات يمكن أن يُحدثا تغييراً حقيقياً في الحرب ضد التلوث البلاستيكي...
تاكات المحتوى: فعاليات بيئية
لاي اسئلة او استفسارات, يمكنكم الاتصال بالكاتب عبر البريد الالكتروني: abrar.saleh@uobabylon.edu.iq