في عمق مدينة الحلة، يمتد شارع يعبق بالتاريخ والتراث وهو الشاهد على عراقة المدينة، ألا وهو شارع أبي القاسم هذا الشارع ليس مجرد طريق لمرور الناس، بل هو جزء أصيل من ذاكرة المدينة، وشاهد على تعاقب أجيالها. يجمع شارع أبي القاسم بين جنباته مساكن أهالي الحلة الكرام القديمة منذ عقود طويلة، حيث يتجذر فيه الطابع الأصيل للمدينة، ويحتضن نخبة مميزة من الحرف اليدوية والورش، كالنجارة وصناعة الأقمشة.
بفضل حيويته ونشاطه التجاري والحرفي، يشهد هذا الشارع ازدحامًا كبيرًا بالعمال والزبائن. ومن الطبيعي، ومع هذا الكم الهائل من الأنشطة اليومية، أن تكون كمية النفايات المطروحة فيه كبيرة جدًا. وما يزيد الأمر تعقيدًا أن الفروع المؤدية إلى شارع أبي القاسم تسكنها عائلات وأهالٍ، مما يعني أن النفايات المنزلية تتزايد أيضًا في هذه المنطقة الحيوية.
النفايات تحدٍ بيئي واقتصادي :-
هذا الواقع يطرح تساؤلات ملحة: كيف يتم الحل؟ وكيف نسعى مع الجهات المعنية لإزالة ما يمكن إزالته من هذه النفايات المتراكمة؟ ولماذا هذا الإهمال الذي يسيء لجمالية شارع أبي القاسم وتاريخه؟
إن مشكلة النفايات الصناعية والتجارية، بالإضافة إلى النفايات المنزلية،تتفاقم في المناطق المكتظة مثل شارع أبي القاسم. هذه المخلفات لا تقتصر على بقايا الطعام أو المواد الاستهلاكية، بل تشمل أنواعًا مختلفة تحددها طبيعة النشاط الصناعي والتجاري وأنماط الاستهلاك في البلد. حيث نجد في هذا الشارع، وعلى أطرافه، مخلفات صناعية وتجارية خطيرة مثل: الإطارات المستهلكة، وقطع الغيار القديمة، وهياكل المعدات والسيارات، ومخلفات الأجهزة الكهربائية كالمصابيح التالفة، وقطع المفاتيح والأسلاك، والثلاجات والغسالات المستهلكة، وأفران الطبخ المهترئة، وغيرها الكثير. ولا ننسى مخلفات التمديدات الخاصة بالمياه والصرف الصحي، كأنابيب الصرف وتوصيل المياه، وسخانات المياه المهترئة، والحنفيات وأحواض الغسيل المنتهية صلاحيتها. بالإضافة إلى ذلك، هناك المخلفات الإلكترونية التي تشمل أجهزة التلفزيون القديمة، وأجهزة الترانزستور، وأجهزة الكمبيوتر المستهلكة أو القديمة، وكذلك الهواتف بجميع أشكالها.
إن تكدس هذه الأنواع المختلفة من النفايات لا يشوه المنظر العام فحسب، بل يهدد البيئة والصحة العامة، ويشكل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على المدينة.
تدوير النفايات حل اقتصادي وبيئي مستدام :-
يدعو المختصون في الشأن الاقتصادي والبيئي إلى ضرورة استثمار تدوير النفايات كحل جذري ومستدام لهذه المشكلة المتفاقمة. فعملية التدوير ليست مجرد طريقة للتخلص من النفايات، بل هي فرصة اقتصادية واعدة يمكن أن تعطي قيمة مضافة حقيقية للموارد المهدرة.
من خلال إقامة مشروعات تستثمر النفايات وتعمل على تدويرها صناعيًا، يمكن إنتاج العديد من المنتجات القيمة. على سبيل المثال، يمكن تحويل النفايات المنزلية العضوية إلى سماد عضوي عالي الجودة يدعم الزراعة المحلية. كما يمكن استعادة صفائح الألمنيوم والحديد من المخلفات المعدنية لإعادة تصنيعها، بالإضافة إلى الأكياس البلاستيكية، وعلب الحفظ، والمواد المطاطية التي يمكن تحويلها إلى منتجات جديدة.
يؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، على الأهمية الاقتصادية لتدوير النفايات، مشيرًا إلى أنها تساهم في توفير فرص عمل جديدة وفتح مجال للتشغيل، مما يقلل من نسب البطالة. فضلاً عن ذلك، يتيح تدوير النفايات فرصًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي للعديد من المواد التي نستوردها حاليًا، مما يوفر العملة الصعبة التي تخرج من البلاد باتجاه دول مثل إيران وتركيا والصين لاستيراد بضائع وسلع يمكن تصنيعها محليًا من خلال إعادة تدوير نفاياتنا الخاصة.
إن تبني مشاريع تدوير النفايات في مناطق مثل شارع أبي القاسم، والمناطق الصناعية والتجارية الأخرى، لن يحل مشكلة التلوث البيئي فحسب، بل سيحقق قفزة نوعية في اقتصادنا المحلي، ويوفر فرص عمل كريمة لأبنائنا.
نحو مستقبل أنظف وأكثر ازدهارًا :-
إن إهمال شارع أبي القاسم ليس مجرد مشكلة جمالية، بل هو هدر لمورد اقتصادي كبير وفرصة لتشغيل الأيدي العاملة. إننا ندعو جميع الجهات المعنية منها: البلدية، ودائرة البيئة، والغرفة التجارية، والمؤسسات الصناعية والحرفية، وحتى السكان أنفسهم، إلى التكاتف والعمل المشترك. يجب أن ننظر إلى النفايات لا على أنها مشكلة، بل ككنز اقتصادي ينتظر الاستثمار.
لنعمل معًا لجعل شارع أبي القاسم، بكل ما يحمله من تاريخ وتجذر، نموذجًا يُحتذى به في النظافة والاستدامة، وليتحول من مصدر للقلق البيئي إلى محرك للازدهار الاقتصادي.
ما هي الخطوات الملموسة التي يمكننا البدء بها لتحقيق ذلك معًا؟
# يرصد مركزنا الكوارث ويترك للجهات المعنية القادرة على ازالتها او الحد منها القرار ...... معنا لمستقبل افضل#
فريق عمل وحدة الحد من مخاطر الكوارث
تاكات المحتوى: وحدة الحد من اخطار الكوترث
لاي اسئلة او استفسارات, يمكنكم الاتصال بالكاتب عبر البريد الالكتروني: abrar.saleh@uobabylon.edu.iq