في قلب مدينتنا الحلة، يقع شارع يحمل اسمًا يبعث على الأمل والطمأنينة :- شارع الأطباء هنا، يجتمع نخبة من أفراد مجتمعنا، أطباء أفاضل نذروا أنفسهم للعناية بصحة الناس وتمام عافيتهم. يدخل الطبيب إلى هذا الشارع كل يوم، حاملًا معه علمه وخبرته، ليعالج مرضاه ويخفف عنهم آلامهم. ويدخل المريض إلى هذا المكان، تملؤه آمال الشفاء والعافية.
ولكن، وللمفارقة المؤلمة، بينما يأتي المريض طلبًا للعلاج، قد يجد نفسه يستنشق الملوثات والميكروبات المنتشرة في نفس الشارع. إنه مشهد يثير الحيرة ويجعل القلم يقف عاجزًا عن الوصف، وتصمت الكلمات أمام تناقض قاسٍ بين مكان مخصص للصحة والعافية، تحيط به بؤر تلوث تهددها…
ألا يضع أطباؤنا الكرام ملاحظاتهم على هذه المواقع؟ ألا تتحدث دائرة الصحة عن هذا الواقع المرير؟ نعود بالسؤال والحديث إلى نقطة البداية: فمن المسؤول؟ وكيف يكون الحل؟
المخلفات الطبية :- خطر كامن يفرض نفسه
الصور التي بين أيدينا اليوم لشارع الأطباء تفرض على ضمائرنا جميعًا التساؤل والتحرك. إن المشكلة الأساسية تكمن في إدارة النفايات، وبشكل خاص، النفايات الطبية هذه المخلفات هي نتاج الأنشطة الطبية المتنوعة، سواء داخل المستشفيات أو خارجها. تشمل هذه النفايات كل ما هو خطير ومحتمل العدوى: الأنسجة البشرية والدم وسوائل الجسم التي يجب التخلص منها بطرق آمنة، والأدوات الحادة مثل الحقن والإبر، ونفايات الأدوية والمنتجات الصيدلانية، وكذلك جميع المواد والملابس والأجهزة التي يُشتبه في احتوائها على مسببات الأمراض المعدية.
تُعرّف النفايات الطبية الخطرة بأنها "أي مواد لا يمكن التخلص منها في مواقع طرح النفايات العامة أو شبكات الصرف الصحي، بسبب خواصها الخطرة، وآثارها الضارة على البيئة وسلامة الكائنات الحية، وتحتاج إلى وسائل خاصة للتعامل معها والتخلص منها". ولا شك أن المخاطر البيئية لسوء إدارة نفايات المؤسسات الصحية كبيرة جدًا وذات عواقب وخيمة، حيث تؤكد الدراسات العلمية أن النفايات المعدية هي ناقل رئيسي للجراثيم والأمراض. فالنفايات التي تحتوي على أدوية منتهية الصلاحية، وأدوية السرطان، والمواد المشعة، وغيرها، قد تتسبب في التهابات رئوية وأمراض مزمنة كأمراض السرطان الخطيرة.
صحيح أن المصدر الأول لهذه النفايات هو المستشفيات الكبرى، لكن لا يغيب عن البال أن المراكز الطبية، وشركات الأدوية، والمختبرات، والعيادات الخاصة المنتشرة في هذا الشارع وغيره، تُنتج كميات لا يُستهان بها من النفايات الطبية. وحتى الأدوية المستخدمة منزليًا، والتي يتم التخلص منها بطرق غير مدروسة وآمنة، لا تقل خطورة عن نفايات المستشفيات.
الحل مسؤولية جماعية لواقع أفضل
السؤال المتكرر هنا :- ما هو الحل؟ الحل هنا يفرض نفسه بوضوح، ويتطلب تضافر جهود جميع الجهات ذات العلاقة :-
1. الأطباء والعيادات :- يقع على عاتق الكوادر الطبية والمراكز الصحية مسؤولية مباشرة في فرز النفايات الطبية بشكل صحيح، وتخزينها بطرق آمنة، والتعاقد مع جهات متخصصة ومعتمدة للتخلص منها وفقًا للمعايير الصحية والبيئية العالمية. يجب أن يكون الطبيب قدوة في الالتزام بمعايير الصحة العامة، وأن يرفع صوته بالملاحظات والتوصيات للجهات المسؤولة.
2. دائرة الصحة :- يجب أن تقوم دائرة الصحة بدورها الرقابي الفاعل، من خلال تفتيش العيادات والمراكز الطبية بشكل دوري للتأكد من التزامها بالإجراءات السليمة لإدارة النفايات الطبية. كما يجب عليها توفير التوجيه والدعم لهذه المؤسسات، وتنظيم حملات توعية مستمرة بخطورة هذه النفايات وكيفية التعامل معها.
3. البلدية والجهات الخدمية :- يقع على عاتقها مسؤولية توفير البنية التحتية اللازمة لجمع النفايات العامة بشكل منتظم وفعال، والعمل على تنظيف الشارع ومحيطه بشكل مستمر، وتوفير حاويات كافية ومناسبة. كما يجب أن يكون هناك تنسيق وثيق بين البلدية ودائرة الصحة لوضع حلول شاملة لإدارة النفايات، خاصة في المناطق الحساسة كشارع الأطباء.
4. المجتمع والأفراد :- الوعي المجتمعي بأهمية النظافة العامة وخطورة النفايات العشوائية أمر بالغ الأهمية. يجب على كل مواطن أن يكون جزءًا من الحل، من خلال الالتزام برمي النفايات في الأماكن المخصصة لها، وعدم إلقائها عشوائيًا في الشارع.
إن شارع الأطباء هو واجهة لمدينتنا، ومرآة تعكس مدى اهتمامنا بالصحة والبيئة. دعونا نعمل معًا، كل من موقعه، لنجعله مكانًا يبعث على الشفاء الحقيقي، خالٍ من أي تلوث، يليق بقدسية مهنة الطب وبآمال المرضى في غدٍ أفضل.
# يرصد مركزنا الكوارث ويترك للجهات المعنية القادرة على ازالتها او الحد منها القرار ...... معاً لمستقبل افضل#
فريق عمل وحدة الحد من مخاطر الكوارث
تاكات المحتوى: وحدة الحد من مخاطر الكوارث
لاي اسئلة او استفسارات, يمكنكم الاتصال بالكاتب عبر البريد الالكتروني: abrar.saleh@uobabylon.edu.iq