في قلب مدينة الحلة يقف جسر الهنود الذي لطالما كان شريانًا حيويًا يربط ضفتي شط الحلة و مخلداً لتاريخ المدينة …
لقد كثر الحديث وطالت التفاصيل واهتمت الندوات والفرق البحثية بوضعه، ولكن الوضع يزداد سوءًا وتفاقمًا مع الأسف الشديد …
تُظهر الصور الواقع المرير، فمن ناحية، يُعاني الجسر من وضع متهالك نتيجة قدم بنائه، ومن ناحية أخرى، تتكدس النفايات الخطرة بالقرب منه وعلى تماس مباشر مع شط الحلة، مما ينذر بتلوث بيئي واسع النطاق …
يُعد موقع الجسر المحاذي لعيادات الأطباء والمواقع التجارية والمحال المختلفة سببًا رئيسيًا في زيادة كميات النفايات المرمية، بالإضافة إلى الزخم السكاني المرافق لهذه المناطق. الأضرار متعددة والإصابات الناتجة كبيرة، ومع ذلك، لا توجد حلول ملموسة على أرض الواقع حتى الآن …
أنواع النفايات ومخاطرها المحتملة :-
تُشكل النفايات المتراكمة بالقرب من جسر الهنود تهديدًا مزدوجًا، بيئيًا وصحيًا، خاصةً وأنها تتنوع بين :-
النفايات الصلبة الطبية :- تشمل هذه المخلفات الخطرة بقايا الإبر والأمبولات والمشارط، وأفلام الأشعة، ومخلفات غرف العمليات من قفازات وأقنعة وأغطية، والقطن والشاش والجبس، بالإضافة إلى النفايات الباثولوجية من أنسجة وأعضاء تم استئصالها. هذه المواد تحمل خطرًا عاليًا للعدوى وانتقال الأمراض.
المخلفات العادية :- وهي النفايات التي تندرج تحت المخلفات المنزلية، وتشكل ما يقارب 80% من إجمالي المخلفات، بما في ذلك المخلفات الناتجة عن الأنشطة التجارية المحيطة.
ماهي الآثار البيئية والصحية المدمرة لتراكم النفايات ؟
تؤدي النفايات المتراكمة، خاصة في منطقة حساسة مثل جسر الهنود، إلى مجموعة من المخاطر البيئية والصحية الجسيمة منها :-
تفاقم الاحتباس الحراري :- تساهم النفايات في رفع درجة حرارة الكوكب على المدى البعيد بسبب ارتفاع الغازات الدفيئة المنبعثة منها، مثل غاز الميثان وثاني أكسيد الكربون، الناتجة عن تحللها.
تشويه المنظر الجمالي والحضري :- تُشوه أكوام النفايات المنظر الجمالي للمنطقة، بالإضافة إلى انبعاث روائح كريهة تُؤثر على جودة الحياة.
جذب القوارض والحشرات الضارة :- تُعد النفايات بيئة مثالية لتكاثر القوارض والحشرات الناقلة للأمراض.
تلوث المياه :- تُسهم النفايات بشكل كبير في تلوث مياه شط الحلة نتيجة تسرب المواد السامة منها. تُؤدي المواد العضوية في النفايات إلى تحللها البيولوجي من خلال الميكروبات والبكتيريا، مما يُنتج مواد سائلة وغازية سامة مثل أكاسيد النيتروجين وثاني أوكسيد الكبريت، والتي تلوث التربة السطحية وتُؤثر على نوعية المياه الجوفية، مما يزيد من نسبة الأحماض فيها ويجعل التربة غير صالحة للزراعة.
تلوث الهواء :- ينتج عن حرق النفايات، سواء عمدًا أو لا إراديًا، ملوثات هوائية خطيرة. فترميد المواد المحتوية على الكلور يُسبب أمراضًا سرطانية، كما أن ترميد المواد التي تحتوي على معادن ثقيلة مثل الرصاص والزئبق يُؤدي إلى انتشار معادن سامة في البيئة، مع ما يترتب على ذلك من أضرار صحية وبيئية جسيمة.
مع من سيكون الحل؟ دعوة للعمل الجماعي
إن واقع جسر الهنود يستدعي تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية. الحل لا يمكن أن يقتصر على جهة واحدة، بل هو مسؤولية جماعية تتطلب تدخلًا عاجلاً ومخططًا :-
1. المؤسسات الحكومية المعنية : يجب على بلدية الحلة ودائرة البيئة ودائرة الصحة، بالتعاون مع المحافظة، وضع خطة شاملة وعاجلة لإزالة النفايات بشكل دوري ومنتظم من محيط الجسر وشط الحلة. كما يتوجب عليهم تقييم حالة الجسر الهندسية بشكل فوري ووضع خطة لإعادة تأهيله أو استبداله لضمان سلامة العابرين.
2. العيادات والمحال التجارية والمؤسسات الصحية : يقع على عاتقهم مسؤولية مباشرة في إدارة نفاياتهم بشكل سليم، خاصة النفايات الطبية الخطرة. يجب عليهم الالتزام بالمعايير الصحية والبيئية في فرز وتخزين ونقل هذه النفايات بالتعاقد مع شركات متخصصة.
3. المواطنون والسكان : الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على النظافة العامة ورمي النفايات في الأماكن المخصصة لها أمر بالغ الأهمية. يجب أن يُدرك الجميع خطورة رمي النفايات العشوائي على الصحة والبيئة والمظهر العام للمدينة.
4. المؤسسات الأكاديمية والبحثية : يمكن للجامعات والمراكز البحثية في الحلة أن تُساهم بفعالية من خلال إجراء دراسات حول حجم المشكلة وآثارها، واقتراح حلول مبتكرة لإدارة النفايات وتدويرها، وتقديم المشورة الفنية للجهات المعنية .
إن جسر الهنود هو جزء لا يتجزأ من هوية الحلة التاريخية والحضارية لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما يتدهور هذا المعلم الحيوي فهل سنرى قريبًا جهودًا حقيقية تُعيد لجسر الهنود رونقه، وتُخلصه من أعباء التلوث والإهمال، ليظل شريانًا نظيفًا وآمنًا لمدينتنا؟؟
# يرصد مركزنا الكوارث ويترك للجهات المعنية القادرة على ازالتها او الحد منها القرار ...... معاً لمستقبل افضل#
فريق عمل وحدة الحد من مخاطر الكوارث
تاكات المحتوى: وحدة الحد من مخاطر الكوارث
لاي اسئلة او استفسارات, يمكنكم الاتصال بالكاتب عبر البريد الالكتروني: abrar.saleh@uobabylon.edu.iq